• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

"الإطار النظري" (Theoretical Framework): رحلة شخصية أكاديمية في تطويع المصطلح

الإطار النظري (Theoretical Framework): رحلة شخصية أكاديمية في تطويع المصطلح
د. مطيع عبدالسلام عز الدين السروري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/6/2022 ميلادي - 7/11/1443 هجري

الزيارات: 3251

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"الإطار النظري" (Theoretical Framework):

رحلة شخصية أكاديمية في تطويع المصطلح

 

تمهيد:

ليس سهلًا أن يفتح الإنسان نافذة جديدة، يعبر فيها عن أفكاره وقناعاته وإيمانه بمبدئه ضمن مجال ما له مصطلحات وممارسات فَهم، أصبحت من قبيل المسلَّمات، حتى وإن كانت تلك المصطلحات في فلسفتها وتنظيراتها تتيح مساحةً لأفكار جديدة؛ لتتدافع معها وتشاركها الوجود أو حتى توسعها.

 

مكمنُ الصعوبة هم القائمون على قنوات ذلك المجال الذين أخضعوا مصطلحاته لفَهم سائد ولممارسات أصبحت من المسلمات.

 

جانب من الصعوبة يكمن في قولبة مفاهيم مصطلحات ذلك المجال ضمن ممارسات فكرية ضيقة بدلًا من فسح الطريق لتوسيعها؛ لتناسب سَعة الفهم والإدراك البشري الغني بتنوع تجربته وخبرته ومعرفته تنوعًا يتيح للإنسان مساحة للمقارنة والاختيار، واتخاذ القرار الفكري المناسب له.

 

أغرب ما في الأمر هو أن يتمَّ التشبث بفَهْم محدد لمصطلحات مرنة وواسعة لا يعبر أساسًا عن ثقافة بيئة المتشبثين به الذي تعوَّدوا عليه بدون إدراك لمرونة وسعة تلك المصطلحات نفسها، وإعاقتهم لأي محاولة إدراك إيجابية تبعث روحًا تجديدية في المجال كله، قد تكون محاولة فتح رؤية جديدة صعبة بالفعل، إلا أنها ليست مستحيلة إن آمن الإنسان أولًا بأحقية تعبيره عن أفكاره وقناعاته وإيمانه بمبدئه، ضمن مجال متاح ومشروع أساسًا، وثانيًا يُمكنه فتح النافذة بمفتاح يناسب طبيعتها مثلًا إن رأى أن طبيعة الصعوبات الناجمة بشرية، فعليه التغلب عليها بخطوات من نفس نوعها؛ أي بالعلاقات الإنسانية، قياسًا بالمثل الشهير القائل: "لا يَفِلُّ الحديد إلا الحديد"، وأيضًا يمكن للإنسان أن يقدم بعض التنازلات التي لا تؤثر على جوهر المبدأ، طالما كان مؤمنًا بصوابه، لتتحرك العَجَلة في المقام الأول.

 

سأتحدث في المقال التالي عن تجربة شخصية مع مصطلح بحثي معناه في أساسه مرن، إلا أن الفهم السائد له قد انتقل إلى وضع المسلَّم به ضمن مجال أكاديمي معين سيأتي ذكره، لم أستطع تقبل الفهم السائد للمصطلح الذي كان يحاول تعديل أو تغيير أو جعلي أتخلى عن رؤيتي الإسلامية لتناسب فهمًا سائدًا معينًا في ذلك المجال الأكاديمي، وأساسًا لم يكن مفترضًا أن يُشْغَلَ هذا المصطلح كقالب بحثي بفهم محدد يجعله لصيقًا ومسلَّمًا به، إلا أن بعض ممارسي هذا المجال الأكاديمي قد تعودوا عليه أو ربما، كطريق سهل، يسبحوا فيه مع التيار، كيفما اتفق، في حين كان وقتها لدي شعورٌ ينأى بي عن - أو يجعلني أقاوم - تأثير ذلك الفهم السائد، فنشأت تجربة أرجو أن تكون مثيرة ومحفزة لرفض التقولب ضمن فهم محدد، طالما كانت رؤية الإنسان تعطيه فرصة للانطلاق نحو آفاق فكرية أرحب، وطالما أيضًا كانت هناك مساحة لذلك.

 

مرحلة التعرف على المصطلح والتوتر المعرفي الناجم:

لم أعرف تحديدًا مصطلح "الإطار النظري" إلا بعدما أنهيت رسالة الماجستير[1]، رغم تطبيقي لمحتوى المصطلح في الرسالة وإبرازي له، كما يبدو لي الآن، كمنهجية بحثية أكثر منه إطارًا نظريًّا، و"الإطار النظري" هو مصطلح بحثي يستخدم في الأبحاث الأكاديمية النظرية للتدليل على الرؤية النظرية والفلسفية الشاملة التي يتبناها الباحث لترشد وتقود عملية البحث، وموضعة البحث، بشكل عام، ضمن سياقها، بدأت أعي المصطلح ومعناه تدريجيًّا بعد قراءتي لكتاب يشرح ويطبق بطريقة سلسة مجموعة من النظريات الأدبية النقدية المعاصرة في الغرب[2]، وعندما بدأت بحث الدكتوراة، متأثرًا بنظريات هذا الكتاب، أردت أن استخدم نظرية "ما بعد الاستعمار" (أو "ما بعد الكلونيالية" Postcolonial Theory)كإطار نظري للبحث إعجابًا مني بأفكارها ومفاهيمها (في بداية تعرفي عليها) لقراءة رواية عربية مترجمة للإنجليزية، ضمن برنامج الأدب الكلونيالي المكتوب أو المترجم للإنجليزية في قسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الوطنية الماليزية؛ أي: إن الموضوع بدايةً كان محاولة إيجاد إطار نظري يمكن من خلال مفاهيمه قراءة (أو نقد) رواية أو مجموعة روايات، إلا أن تعرُّفي على النظرية استغرق فصلًا كاملًا من القراءة النهمة والمتعمقة، فأبت أفكار هذه النظرية إلا أن ترتد انعكاسًا في ذهني عليها نفسها في الأخير[3]؛ أي: بدأت أُسائِل النظرية نفسها مستخدمًا نفس مفاهيمها: مثلًا، عن مفهوم "الهوية" Identity، من أين تستمد النظرية مفهومها عن الهوية الذي يرى أن الهوية متشكلة وليست أصيلة أو أصلية، ومن ثَمَّ بحسب تنظيراتهم، يُمكن الوعي بآثار الخطاب الإمبريالي البريطاني السلبي الذي تَمَّ تمريره في أذهان الشعوب المستعمرة عن أنفسهم، وتشكيل خطاب خاص بتلك الشعوب نابع من إدراكهم بممارساتهم سواء قبل وجود المستعمِر أو أثناء وجوده أو بعد رحيله؛ إلخ؟ وهنا بدأت هذه النظرية تقودني إلى النظريات النقدية الغربية الأخرى التي تستمد منها بعض مفاهيمها، وتدريجيًّا وأخيرًا نحو الفلسفة الغربية بتفرعاتها التنظيرية المختلفة التي كنت أرى فيها تعارضات عقائدية صعب التسليم لها أو بها، كنت أرى تعارضات جذرية كثيرة في مفاهيم تلك النظرية النقدية، ومفاهيم النظريات الغربية عمومًا التي تستمد أفكارها منها مع الرؤية الإسلامية؛ الرؤية للإله وللإنسان وللغة وللخطاب وللحياة بشكل عام ... إلخ، فعلًا صُدمت بما علمت حينها؛ كمسلم لم أستطع التسليم أو حتى التظاهر بالتسليم - ولو مؤقتًا - لتلك الرؤى الفلسفية العقائدية في مضمونها، ناهيك عن تمثلها لعدة سنوات دراسية، والرؤية من خلالها كإطار نظري يقود ويرشد عملية البحث، وكانت تتراءى لي الحياة الأكاديمية المستقبلية عمومًا أنها ستسير في ظل ذلك، إلا أني تريَّثتُ، ولكن ابتعدت فصلًا أكاديميًّا آخر عن تحديد موضوع للبحث، متتبعًا جذور تلك الأفكار التي بدورها كما أسلفت قادتني إلى الفلسفة الغربية ذهابًا وإيابًا من منظِّري ما بعد البنيوية (ميشيل فوكو، وجاك دريدا، والثوسر، إلخ) والبنيوية (سوسور، وفنجنشتاين، وبارت، إلخ)، وقبلهم نيتشيه وماركس وفرويد وديكارت، حتى أرسطو وأفلاطون، وفي تلك الأثناء، وعيت تمامًا أن الفلاسفة والمنظرين الغربيين آخذون موضوع تفسير الكون والإنسان، وكل ما يتعلق بذلك من تفاصيلَ - بجدٍّ كفكر وحياة أكاديمية على الأقل، وكأن لا حقيقة ولا علمية ولا أكاديمية إلا ما يقولون، وكان هذا سبب عدم تقبلي لذلك في حينه[4]؛ حيث كنت أقول لنفسي: "حسنٌ، نحن لدينا قرآن كريم وسنة نبوية وهي مرجعيتنا لفهم الكون والإنسان؛ إلخ"، فكان القرآن الكريم لي دليلًا ومرجعًا يعيدني إلى جادة الصواب، عندما أغوص في أفكار تلك النظريات والفلسفات الغربية، ولولا إيماني بأن كتاب الله هو المرجع في كل شؤون الحياة بما فيها الحياة الأكاديمية، لكان تيار المفاهيم الفلسفية الغربية الهادر الساحر جرفني معه، فلطف الله سبحانه وتعالى كان دائمًا معي، ولله الحمد.

 

كنت أسائِلُ نفسي: هل أتيت إلى ماليزيا لأتخصص في الأدب والنظرية النقدية الأدبية أم لأتعرف على كيفية فهم الكون والإنسان؟ كانت نظراتي للأدب ولنقده ولجذور النقد الأدبي الممتدة والمتصلة بالفلسفية غير مترابطة ببعضها؛ ربما لتركيزي على إتقان اللغة الإنجليزية كلغة أكثر من أي شيء آخر في المرحلة الجامعية الأولى، وربما أيضًا ترجع تلك النظرة غير المترابطة عندي لقصور أكاديمي منهجي في أقسام اللغة الإنجليزية، فعندما بدأت أحاول فهم مصطلح "الإطار النظري" فوجئت بطرح الفلاسفة الغربيين والمتغربين عندما يعرضون ويناقشون المفاهيم المختلفة: كاللغة، والخطاب، والإيديولوجيا، والفاعلية الذاتية الإنسانية أو عدمها، والهوية، إلخ، بربطها بالنظرة الكلية للمجتمع والحياة والإنسان والإله أو موت الإله أو موت الإنسان كما يفلسفون، وما تفاصيلها عند استخدامها في نقد الأدب إلا تطبيقٌ لتلك الرؤى الفلسفية التي تتشكل هي أيضًا بدورها من ملاحظات الفلاسفة والمنظِّرين لآداب وحياة ولغات الشعوب المختلفة، فقلت لنفسي: ما دامت نظريات ما بعد الحداثة الغربية، ونظرية "ما بعد الاستعمار" ترى أن الأمور نسبية، وأن لا فضل لأحد على أحد، فبإمكاني أن استخدم الرؤية الإسلامية كإطار نظري في بحثي للدكتوراة؛ وفكرت في نقد واحدة من نظريتين من منظور إسلامي؛ إما نظرية "ما بعد الاستعمار" أو "تفكيكية دريدا"؛ لِما لهاتين النظريتين، كما لاحظت، من تأثير كبير في الدراسات الأدبية الإنجليزية على الأقل، مع كل الجهد الذي بذلته، إلا أني لم أجد حينها من يتبنى رؤية إسلامية كإطار نظري لدراسة أكاديمية لاتخاذها كمثال أهتدي به، فقد كان وما يزال تيار الفكر الفلسفي الغربي، كما هو ملاحظ من الأوراق البحثية الكثيرة المنشورة، مسيطرًا على أذهان ووجدان كثير من الأكاديميين المسلمين في أقسام اللغة الإنجليزية، على أقل تقدير، في كثير من بلدان العالم العربي والإسلامي؛ حيث لا يستطيعون رؤية غير ذلك الفكر لاستخدامه كإطار نظري لدراساتهم وأبحاثهم الأكاديمية، لكني لم أستسلم، برغم بدء نفاد زمن المنحة الدراسية[5]، والوقت المخصص للانتهاء من بحث الدكتوراة، وتأخر تسليم خطة البحث عن وقتها، ووضعي الدراسي الحرج الذي وضعت نفسي فيه، حاولت أن أجد طريقًا، ولساني وكل حالي يردد قول الحق سبحانه وتعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].

 

مرحلة البحث عن إطار نظري يتوافق مع الرؤية الإسلامية:

في هذه الأثناء، بدأت مرحلة أخرى عندي موازية لتلك القراءات النظرية الفلسفية السابقة، وهي مرحلة التعرف على آراء المفكرين المسلمين عن الكون والإنسان، والهوية واللغة، والإيديولوجيا والخطاب، والذاتية والنصية وتداخل النصوص، إلى آخر المفاهيم التي يتناولها المنظِّرون والفلاسفة الغربيون، ولكن لم يكن سهلًا عليَّ إيجاد أولئك المفكرين المسلمين في البداية نتيجة لجهلي بهم ولندرتهم أيضًا، ونظرًا لكثرة الباحثين العرب والمسلمين الذين يتبعون النظريات النقدية الغربية في أوراقهم البحثية وكتبهم النقدية، وحتى في مقالاتهم النقدية الصحفية؛ لذلك، لم أجد أحدًا يساعدني على الرد على ما يقوله المنظرين والفلاسفة الغربيين[6]، فبدأت أتخبط يمنة ويسرة بحثًا عن معلومات مشابهة لدينا نحن المسلمين، وجدت بعض الكتب والمقالات لكن كانت كلها تقريبًا تتكلم - بشكل عام فقط - عن تعارض المفاهيم الفلسفية الغربية مع الرؤية الإسلامية، في حين كنت أبحث عن مقابل أو مناظر أو بديل لتلك المفاهيم الفلسفية الغربية حتى يمكنني القول أن لدي إطارًا نظريًّا لموضوع بحثي؛ فبدأت أقرأ في الفلسفة الإسلامية وتعرفت على آراء المعتزلة والأشاعرة فيما يتعلق بالاسم والمسمى، وابن فارس، والجرجاني ... إلخ، ثم عن طريق أحد الزملاء[7]، تعرفت على كتاب محمد شحرور: الكتاب والقرآن: رؤية جديدة، فُتنتُ به في البداية حتى وصلت إلى آخر الكتاب ووجدته يكيل المديح بلا ضابط للديمقراطية الغربية، فتنبهت لخلل منهجه، فأعدت قراءة الكتاب مرة أخرى قراءة فاحصة، وتبين لي أنه فعلًا يقرأ بلا رؤية أو منهج واضح سوى هوى النفس، فتركته؛ ثم وجدت لاحقًا من ردَّ على أفكاره بكتب ومقالات كثيرة، ثم تعرفت على كتاب للدكتور عبدالوهاب المسيري بعنوان: اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود، قرأت الكتاب عدة مرات قراءات متأنية، وأعجبت به وما أزال؛ فالمسيري رحمه الله من المتمكنين جدًّا في عرض ونقد الفلسفة الغربية؛ إلا أن تعرُّفي عليه حدث بعد تعرفي على الفلسفة الغربية من الكتب الأصلية الإنجليزية أو المترجمة لأصحابها، والكتب الشارحة لها، لكنه أثْرَى معرفتي بالفلسفة الغربية بلا شك، وأيضًا تعرفت على بعض كتب الدكتور إسماعيل الفاروقي وبعض جهود المعهد العالمي للفكر الإسلامي في أسلمة المعرفة، ثم جهود كتَّابِ ونقَّاد الأدب الإسلامي من أمثال الدكتور عماد الدين خليل[8]، والدكتور وليد قصاب وغيرهما، ثم أخيرًا وجدت ضالَّتي في أفكار الفيلسوف الماليزي المسلم سيد محمد نقيب العطاس، وأفكار أستاذه الفيلسوف الياباني آيزوتسو توشيهيكو[9]؛ اللذين كانا لديهما قدرة عالية وصعب تجاوزها على التأصيل لمفاهيم بحثية تقابل - بل وتتعدى - مفاهيم المنظرين والفلاسفة الغربيين، وأهم شيء بالنسبة لي حينها كانت رؤيتهما - على ما أحسب - تتوافق مع الرؤية الإسلامية.

 

عقبات على الطريق:

رغم كل ذلك الوقت (سنة وتسعة أشهر) والجهد والقراءة، قُوبلت محاولتي الأولى لنقد نظرية "ما بعد الاستعمار" أو "تفكيكية دريدا" من منظور إسلامي بالصدِّ أولًا من قبل مشرفتي الهندية الماليزية غير المسلمة، التي اضطُررت لطلب تغييرها برغم كفاءتها الأكاديمية؛ لرغبتي في تغيير موضوع البحث وإطاره النظري؛ وأيضًا لاحقًا قُوبلت المحاولة بالصد من قِبل المشرفتين الماليزيتين المسلمتين الجديدتين اللتين تم تعيينهما لي بدلًا من المشرفة الأولى[10]، الأخيرتان حاولتا مساعدتي وإقناعي بأن بَرنامج القسم لا يسمح باتخاذ "إطار نظري" كمادة للبحث يتم نقده بإطار نظري آخر، وأن عليَّ إنْ أردت أن أواصل بحث الدكتوراة أن أتخذ روايتين أو أكثر كمادة للبحث، وأحاول إيجاد إطار نظري لذلك كما أرغب، وكانتا قد تفهَّمتا أن مشكلتي ليست مع الأدب بحد ذاته بقدر ما هي مع "الإطار النظري" الذي من خلاله ينظر الباحث برؤية نظرية (فلسفية) لقراءة (أو نقد) الأدب، سألتني المشرفة الثانية: ألم تكن تعرف أن النظريات والفلسفات الغربية غير متوافقة مع الرؤية الإسلامية؟ فأجبتها، صادقًا، بالنفي؛ حيث كانت دراستي الجامعية السابقة ضمن سياق التيار الأكاديمي الغربي السائد في أقسام اللغة الإنجليزية في اليمن، الخلاصة أنهما نصحاني أن أقدم أولًا خطة بحث بالإطار النظري الذي أراه، بشرط أن تكون مادة البحث هي الأدب (الرواية أو أي نوع آخر)، فرضَخْتُ مضطرًا نتيجة لوضعي الدراسي الحرج حينها، ولِما سببته لي المشرفة الهندية الماليزية السابقة بتقريرها السلبي عني للجامعة، أن أُعيد ترتيب أفكاري بحيث تكون مادة البحث الرواية، والإطار النظري متوافقًا مع الرؤية الإسلامية.

 

النجاح في تقديم إطار نظري ذات محتوًى متوافق مع الرؤية الإسلامية:

استغرق الموضوع فصلًا دراسيًّا آخر؛ لأكمل بذلك عامين أكاديميين كاملين محاولًا تقديم خطة بحث أكاديمي، تمكنت خلاله بمساعدة أفكار الفيلسوف الماليزي سيد محمد نقيب العطاس وبعض أفكار نقاد الأدب الإسلامي أن أقدم خطة بحث بإطارٍ نظريٍّ متوافق مع الرؤية الإسلامية، وأيضًا بمساعدة أفكار العطاس وأفكار أستاذه الياباني آيزوتسو توشيهيكو قدمت منهجية تحليلية أكاديمية لقراءة ثلاثية روائية مترجمة للإنجليزية، وكان للمشرفة الثانية فضل كبير عليَّ في الاستعداد للدفاع عن محتوى إطاري النظري المخالف للفهم السائد لمحتوى مصطلح "الإطار النظري"، وأيضًا في الاستعداد للدفاع عن منهجية البحث، سواء في مرحلة خطة البحث أو في مرحلة المناقشة النهائية للأطروحة، بشكل عام، ساعدني أيضًا تأثير نظرية "ما بعد الاستعمار" على المجال الأكاديمي في دول شرق آسيا عمومًا؛ لِما لمفاهيم النظرية من قوة جذَّابة في تعزيز الهوية المستقلة عند الشعوب التي كانت مستعمرة من قبل الإمبريالية البريطانية، وبشكل خاص، أفادني تأثير تلك النظرية في جَعْلِ المستمعين لدفاعاتي عن خطة البحث وعن الأطروحة[11] أكثر تقبلًا لأفكاري التي تسير عكس فهم تيار المجال الأكاديمي السائد، لكن باستخدام نفس ألفاظ المصطلحات البحثية الأكاديمية المتعارف عليها، في قسم اللغة الإنجليزية.

 

الخلاصة:

إن قصر محتوى مصطلح "الإطار النظري" على التنظيرات الفلسفية الغربية في الأبحاث النظرية الأكاديمية كان وما يزال برأيي غير مبرر من كل النواحي؛ إذ إن تلك التنظيرات هي أساسًا رؤى بشرية خاضعة لآراء فلسفية كثيرة مختلفة ومتغيرة مع الزمن في طبيعتها، فما الذي سيحدث إن تم استخدام رؤى أخرى، كالرؤية الإسلامية أو حتى غيرها، في قراءة الأدب مثلًا؟ ألن يتعرف الناس بوجود الرؤى الأخرى، مسلمين وغير مسلمين، على خبرات ومعارف أخرى تُثْرِي الفكر الأدبي النقدي بما تقدمه من رؤى مختلفة أيضًا، ما الذي يُميز مفهوم اللغة عند الفلاسفة والمنظرين اللغويين الغربيين عن مفهومه في الرؤية الإسلامية؟ لماذا قد يُقْبَل المفهوم الأول برغم تعدد نظرياته والآراء حوله، ويتم الإحجام عن استخدام المفهوم الآخر في مجال البحث الأكاديمي، وتحديدًا في أقسام اللغة الإنجليزية؟ ستجد أيضًا، من الباحثين العرب المسلمين، من يضع مفهوم اللغة في الرؤية الإسلامية - أو لنقل مفهوم اللغة عند اللغويين العرب - تحت مجهر لغوي غربي (إطار نظري) لدراسته وفهمه، أو حتى لنقده، ولن يقبل حدوث العكس، شخصيًّا، لا أجد مبررًا مقنعًا لحدوث ذلك، ولا أنفي صعوبة الأمر في طريق من يريد أن يسلك طريقًا مختلفًا أو حتى موازيًا لِما هو سائد في مجالنا الأكاديمي لفتح نوافذ رؤى جديدة تثري المعرفة البشرية، إلا أن الموضوع يستحق المحاولة برغم صعوبته.



[1] بالإمكان الاطلاع على رسالتي للماجستير باللغة الإنجليزية على موقع الكاتب المسرحي الأمريكي آرثر ميلر التالي:

https://bit.ly/3Mq4yel

[2] عنوان الكتاب:

Critical Theory Today: A User-Friendly Guide

أهداني مشكورًا نسخة من هذا الكتاب الأخ د. يحيى الوظاف، عام 2007م، أرسله لي من ماليزيا وكنت ما أزال في اليمن، وقد أفدت منه أيما إفادة قبل وصولي إلى ماليزيا نهاية الربع الأول من العام 2008م؛ حيث تعرفت من خلاله على بعض أنواع النظريات النقدية الأدبية.

[3] كان زميلي الأخ د. عبدالجليل نصر الشرعبي رفيقي في تلك الرحلة الأكاديمية؛ حيث كان هو الآخر يعمل في بحثه للدكتوراة في دراسات الخطاب، وأنا ممنون له لنقاشاتنا المطولة والعميقة وأفكاره الثاقبة التي أفدت منها كثيرًا؛ فقد كان نِعْمَ الصاحب في تلك الرحلة الفكري، وأذكر ذات مرة، وكنا قد دخلنا محيط الفلسفة بدون وعي منا، أننا عبَّرنا عن خوفنا من أن ندخل في الأمور الفلسفية وتأخذنا عواصفها إلى أماكن صعب الرجوع منها، إلا أنه سرعان ما تأكد لنا أننا كنا فعلًا في وسط محيط الفلسفة، ولكن لَطَفَ اللهُ بنا، وخرجنا منها وعدنا سالمين غانمين بفضل الله.

[4] للمزيد حول هذا النقطة بالإمكان الاطلاع على مقال لي هنا على شبكة الألوكة بعنوان: ملاحظات من تجربتي الشخصية مع الفلسفة.

[5] دراستي كانت ممولة بمنحة من جامعتي: جامعة صنعاء.

[6] كتبت في تلك الفترة بريدًا إلكترونيًّا لمن ظننتُ أنه قد يساعدني في نقد تفكيكية دريدا من منظور إسلامي، لكنه وعد بالرد ولم يرد، ونشرته هنا في على شبكة الألوكة لمن يريد الاطلاع عليه، بعنوان:

إيميل له علاقة بتفكيكية دريدا

وهناك أيضًا مقال آخر كتبته لاحقًا عن تفكيكية دريدا من منظور إسلامي هنا على شبكة الألوكة، لمن يريد الاطلاع عليه، بعنوان:

"لا تحديدية" دريدا؛ التفكيكية من منطلق إسلامي

[7] كان للأخ د. أمين محمد القدسي فضل كبير بعد الله سبحانه وتعالى في تعريفي بكثير من المفكرين المسلمين من أمثال الدكتور المسيري والدكتور الفاروقي، وغيرهم من خلال النقاش معه، فقد كان قارئًا نهمًا في مجالات كثيرة برغم تخصصه العلمي في مجال الفيزياء.

[8] الدكتور عماد الدين خليل، جزاه الله خيرًا، بعدما استشرته عبر البريد الإلكتروني في موضوع ما، أهداني أحد كتبه بعنوان: مدخل إلى نظريات الأدب الإسلامي، عبر البريد الإلكتروني، وقد أفدت منه كثيرًا.

[9] كان تعرفي على كتب الفيلسوف الماليزي سيد محمد نقيب العطاس صدفة لطيفة قدرها الله لي في وقتها عن طريق زميل أندونيسي، كان يدرس ماجستير في نفس جامعتي، وتعرفي على أستاذ العطاس الفيلسوف الياباني أيزوتسو توشيهيكو كان عن طريق الأخ د. عبدالجليل نصر الشرعبي الذي تتبع جذور فكر العطاس بعدما عرفناه معًا، فشكلت هذه المعرفة لأفكار الفيلسوفين العطاس وآيزوتسو إضافة قيمة لا تُقدَّر بثمن لي في بحث الدكتوراة، وأنصح بقراءة كتابيَ العطاس التاليين (بالإضافة لرسالته للدكتوراة وهي موجودة في مكتبة الجامعة الوطنية الماليزية):

Islam, Secularism, and the Philosophy of the Future (1985) &

Prolegomena: To the Metaphysics of Islam (2001).

وأنصح أيضًا بقراءة كتاب آيزوتسو التالي:

God and Man in the Quran (1980)

وهناك ترجمتان لهذا الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية أيضًا.

[10] لم نتفق أنا ومشرفتي الهندية الماليزية غير المسلمة حينها على تغيير الموضوع؛ حيث أردت أن يكون له إطار نظري متوافق مع الرؤية الإسلامية وليس نظريًّا فلسفيًّا غربيًّا، فلم تعجبها أفكاري وكتبت عني تقريرًا سلبيًّا للجامعة، لكن بفضل الله ثم بفضل تقارير مشرفاتي الماليزيات المسلمات الجديدات تمكنت من تحسين وضعي الدراسي لدى الجامعة في مدة قصيرة مع وجود شد وجذب في تحديد موضوع البحث الجديد.

[11] أطروحتي للدكتوراة مكتوبة باللغة الإنجليزية (ناقشتها في عام 2014م)، وموجودة في الجامعة الوطنية الماليزية؛ لم تترجم للعربية ولم تنشر خارج الجامعة حتى الآن، إلا أني كتبت تلخيصًا موجزًا لها في مقال باللغة العربية نشر في مجلة الأدب الإسلامي (متاحة على النت)، العدد (93) للعام 2017م، لمن يريد أن يأخذ فكرة عن الأطروحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أزمة المصطلحات
  • عناية ابن كثير بالمصطلحات

مختارات من الشبكة

  • الإطار النظري لبرامج التصحيح الهيكلي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإطار العام للسلوك والمعرفة عند ابن تيمية(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • الإطار القانوني لممارسة التجريب العلمي على الأشخاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسرح الطفل: الإطار المرجعي والقيمي تمثلا وإسقاطا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الفرق بين الإطار والمدخل وعلاقتهما بالمنهج والنموذج(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • ملامح الإطار الأخلاقي في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجامعة وعبء مسؤولياتها في الإطار الحضاري (ورقة بحثية)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مجلس الخدمات المالية الإسلامية ينظم مؤتمراً حول الإطار العملي للاستقرار المالي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تأطير المناهج التربوية بصبغة إسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الديداكتيك النظري والديداكتيك التطبيقي(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب